تحسن علاقات الرباط ومدريد.. هل تصطدم بترسيم الحدود البحرية؟

مجلس نواب المغرب أقر في 2020 مشروع قانون لترسيم الحدود البحرية، بما يشمل إقليم الصحراء اللجنة المشتركة الخاصة بتعيين الحدود البحرية تجتمع في يونيو الجاري لأول مرة منذ 15 سنة أكاديمي: الظروف مواتية للبلدين لإرسال حوار حول هذا الملف خبير: قانون ترسيم الحدود متناسق مع الاتفاقيات الدولية.

رغم عودة الدفء إلى العلاقات بين المغرب وإسبانيا، عقب إعلان مدريد في مارس دعم مبادرة الحكم الذاتي المغربية لتسوية النزاع في إقليم الصحراء، لا يزال عدد من الملفات عالق بين البلدين.

ومن هذه الملفات ترسيم الحدود البحرية التي قد تؤثر على العلاقات بينهما وفق مصالحهما، إضافة إلى مواقف مدريد بشأن النزاع حول الصحراء .

** ترسيم الحدود البحرية

من المنتظر أن تُعقد اللجنة المشتركة المغربية الإسبانية الخاصة بتعيين الحدود البحرية في يونيو، وهو الاجتماع الذي أعلن عنه الشهر الماضي وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس.وقال ألباريس في تصريحات لوسائل إعلام إسبانية،

إنه اتفق مع نظيره المغربي ناصر بوريطة على عقد اجتماع للجنة المشتركة الخاصة بتعيين الحدود البحرية في الشهر الجاري، بعد انقطاعٍ دام 15 سنة.وفي 22 يناير

2020، صدّق مجلس النواب المغربي، على مشروع قانون لترسيم الحدود البحرية بما فيها المجاوِرة لجزر الكناري في المحيط الأطلسي بما يشمل إقليم الصحراء، وهو ما رفضته مدريد آنذاك، معتبرةً أنه ينبغي إتمام ذلك في إطار اتفاق مشترك.

البعض ربط الرفض الإسباني بجبل “تروبيك” البركاني، المكتشف على بعد كيلومترات من السواحل المغربية المشمولة بالترسيم، الذي يحتوي على حجمٍ كبير من المعادن النفيسة، الأمر الذي قد يغري إسبانيا بالتحكم بمقدّراته.

ووفق تقارير إعلامية، فإن جبل “تروبيك” الموجود على عمق 1000 متر تحت سطح البحر، يحتوي على ثروات ضخمة، واحتياطيات هائلة من المعادن والغاز والثروات الطبيعية.

قانون ترسيم الحدود البحرية حدّد المنطقة الاقتصادية الخالصة على مسافة 200 ميل بحري، عرض الشواطئ المغربية.

ويقول المغرب، إنه من خلال ترسيم حدوده البحرية “يبسط سيادته الكاملة على المجال البحري، ليؤكد بشكلٍ واقعي بأن قضية وحدته الترابية وسيادته على المجال البحري، محسومة بالقانون”.

** ظروف مواتية

وفي تعليقٍ على الملف قال إدريس الكريني، أستاذ العلوم السياسية بكلية القاضي عياض بمراكش، إن “عودة العلاقات بين البلدين، ساهمت في خلق جو من الثقة”.

وفي تصريح للأناضول، اعتبر الكريني أن “الظروف مواتية للبلدين لإرساء حوار حول هذا الموضوع”.

ورأى أن “أجواء الثقة ستنعكس إيجاباً على تخطّي العقبات بين البلدين بشكلٍ متدرّج وهادئ، لأن تبادل المصالح هو الضامن لعدم السقوط في أي أزمة محتملة”.

وقال الكريني إنه “رغم إقرار المغرب قانوناً حول الموضوع، إلا أنه أكد أن يده مفتوحة وممتدة لإرساء نوع من الحوار مع مدريد”.

وأوضح أن بعض النخب الإسبانية سبق وأن تعاملت مع المغرب بنوع من التسرّع وسوء النية بعد إقرار القانون (عام 2020)، إلا أن “الظروف حالياً مواتية لإرساء حوارٍ بنّاء بين البلدين، وتجاوز أي إشكال” يمكن أن يطرح بهذا الخصوص، خصوصاً أن البلاد بادرت إلى ترسيم الحدود لتعزيز سيادتها وحماية ثروتها البحرية، وتعزيز وحدة ترابها.

ولفت الكريني إلى أن “إسبانيا، من خلال دعمها للحكم الذاتيّ، تفهّمت ملف الوحدة الترابية، وخرجت من الحياد السلبي”.

** اتفاقيات دولية

من جانبه، قال تاج الدين الحسيني الأكاديمي والخبير المغربي في العلاقات الدولية، إن بلاده “ترتكز على أسس قانونية وتشريعية ترتبط بالقانون الدولي، خصوصاً اتفاقية جنيف عام 1958 واتفاقية جمايكا عام 1982 التي بمقتضاها تم تحديد القواعد المشرّعة لقانون البحار”.

وأشار إلى أن المغرب، وفق هذا الاتجاه، “طرح الموضوع بشكلٍ تدريجي، أولاً من خلال القرار الحكومي والوزاري، ثم على اللجان المتخصصة بمجلس النواب المغربي، ثم تصويت هذا الأخير على القانون”.

ويضم هذا القانون 3 عناصر رئيسة، الأول ما سمّي بالمنطقة البحرية على مسافة 12 ميلاً بحرياً من الشاطئ، ثم ما تسمى المنطقة المتاخمة التي تصل إلى 24 ميل، يليها ما تسمّى قانونياً المنطقة الاقتصادية الخالصة، التي تمتد إلى 200 ميلٍ بحريّ.

ولفت الحسيني إلى أن “قانون ترسيم الحدود البحرية الصادر في المغرب متناسق مع الاتفاقيات الدولية، وأصبحت البلاد ممارسة لسيادتها الإقليمية على هذه المنطقة”.

واعتبر أن “الإشكالية التي يمكن أن تُطرح قد تهمّ الجرف القارّي، والتي يمكن أن يناقشها في إطار لجنة الجرف القارّي بالأمم المتحدة أو محكمة العدل الدولية في حالة وقع تعارض بين مواقف البلدين، على اعتبار أن إسبانيا لها سيادة على جزر الكناري”.

وبحسب المادة الأولى من اتفاقية جنيف لعام 1958، فإن الجرف القارّي هو “مناطق قاع البحر وما تحته من طبقات متصلة بالشاطئ تمتد خارج البحر الإقليميّ إلى عمق مئتي متر أو إلى ما يتعدى هذا الحد إلى حيث يسمح عمق المياه باستغلال الموارد الطبيعية لهذه المنطقة”.

أما بخصوص الجبل البركاني “تروبيك”، فله أهمية استراتيجية حيوية بالنسبة لتكنولوجيا المستقبل، بسبب غناه بالعديد من المعادن النفيسة، بما في ذلك معادن مهمة تدخل في تصنيع الهواتف النقالة والسيارات الكهربائية والألواح الشمسية.

وفي هذا الإطار قال الحسيني، إن هناك “إمكانية لنشوب نزاع حول هذا الجبل البركانيّ، نظراً للمواقف المتشنّجة من بعض الأطراف الإسبانية، عندما صادق مجلس النواب على قانون ترسيم الحدود”.

ورأى أنه” إذا تمكن الطرفان من التوصل إلى التوافق المبنيّ على الإنصات وضوابط القانون الدولي والمصلحة المشتركة، بإمكانهما تجاوز هذه الوضعية”.

ولفت الحسيني، إلى أن العلاقات بين البلدين “دخلت منعطفاً تعاونياً أكثر من منطق الصراع الذي كان سائداً بينهما”.

** ملفات عالقة

يُعتبر ملف ترسيم الحدود وقضية سبتة ومليلة والجزر الجعفرية (تعتبرها المغرب جزراً محتلة)، أحد أبرز الملفات العالقة.
ومنتصف مايو/أيار الماضي، فتحت السلطات المغربية والإسبانية، الحدود البرية بين مدينتي سبتة ومليلة، بعد سنتين من الإغلاق.

ومدينتا سبتة ومليلة الواقعتان شماليّ المغرب، تخضعان للإدارة الإسبانية، فيما تعتبرهما الرباط “ثغرين محتلّين”.

وكانت إسبانيا قد أغلقت حدود المدينتين مع المغرب ربيع عام 2020، إثر تفشي فيروس كورونا، ثم استمر الإغلاق نتيجة أزمة دبلوماسية اندلعت بين البلدين.

تلك الأزمة ولدت عندما استقبلت مدريد في أبريل 2021 زعيم جبهة “البوليساريو” إبراهيم غالي بـ”هوية مزيفة”، ودون إخطار الرباط، وهو ما اعتبرته الأخيرة “طعنةً في الظهر”.

وفي مارس، عاد الدفء للعلاقات بعد إعلان إسبانيا دعمها مبادرةَ الحكم الذاتي المغربية لتسوية النزاع في الصحراء..

وفي 7 أبريل، أعلن المغرب وإسبانيا في بيانٍ مشترك، الاتفاق على تفعيل أنشطة ملموسة في إطار خريطة طريق تشمل كل القضايا ذات الاهتمام المشترك، كما اتفقا على إطلاق الاستعدادات لعملية “مرحبا” الخاصة بعودة المغاربة المقيمين بالخارج

زر الذهاب إلى الأعلى
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) لتخصيص المحتوى والإعلانات، وتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعي، وتحليل حركة المرور على موقعنا. كما نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا في وسائل التواصل الاجتماعي والإعلان والتحليل.
View more
Cookies settings
موافق
سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط
Privacy & Cookies policy
Cookie name Active
من نحن   عنوان موقعنا هو: https://www.tanjalaan.com.   التعليقات   عندما يترك الزائرون تعليقاتهم على الموقع ، نجمع البيانات الموضحة في نموذج التعليقات ، وكذلك عنوان IP الخاص بالزائر وسلسلة وكلاء متصفح المستخدم للمساعدة في اكتشاف الرسائل غير المرغوب فيها.   قد يتم توفير سلسلة مجهولة المصدر تم إنشاؤها من عنوان بريدك الإلكتروني (وتسمى أيضًا التجزئة) لخدمة Gravatar لمعرفة ما إذا كنت تستخدمها. سياسة خصوصية خدمة Gravatar متاحة هنا: https://automattic.com/privacy/. بعد الموافقة على تعليقك ، ستكون صورة ملفك الشخصي مرئية للجمهور في سياق تعليقك.   ميديا   إذا قمت بتحميل الصور إلى موقع الويب ، فيجب تجنب تحميل الصور مع تضمين بيانات الموقع المضمنة (EXIF GPS). يمكن لزوار الموقع تنزيل واستخراج أي بيانات موقع من الصور الموجودة على الموقع.   الكوكيز   إذا تركت تعليقًا على موقعنا ، فيمكنك الاشتراك في حفظ اسمك وعنوان بريدك الإلكتروني وموقعك الإلكتروني في ملفات تعريف الارتباط. هذه لراحتك حتى لا تضطر إلى ملء التفاصيل الخاصة بك مرة أخرى عندما تترك تعليقًا آخر. ستستمر ملفات تعريف الارتباط هذه لمدة عام واحد.   إذا قمت بزيارة صفحة تسجيل الدخول الخاصة بنا ، فسنقوم بتعيين ملف تعريف ارتباط مؤقت لتحديد ما إذا كان متصفحك يقبل ملفات تعريف الارتباط. لا يحتوي ملف تعريف الارتباط هذا على بيانات شخصية ويتم تجاهله عند إغلاق المستعرض الخاص بك.   عند تسجيل الدخول ، سنقوم أيضًا بإعداد العديد من ملفات تعريف الارتباط لحفظ معلومات تسجيل الدخول الخاصة بك وخيارات عرض الشاشة. تستمر ملفات تعريف الارتباط لتسجيل الدخول لمدة يومين ، بينما تستمر ملفات تعريف ارتباط خيارات الشاشة لمدة عام. إذا حددت "تذكرني" ، فسيستمر تسجيل دخولك لمدة أسبوعين. إذا قمت بتسجيل الخروج من حسابك ، فستتم إزالة ملفات تعريف الارتباط الخاصة بتسجيل الدخول.   إذا قمت بتحرير أو نشر مقال ، فسيتم حفظ ملف تعريف ارتباط إضافي في متصفحك. لا يتضمن ملف تعريف الارتباط هذا أي بيانات شخصية ويشير ببساطة إلى معرّف المنشور للمقالة التي حررتها للتو. تنتهي صلاحيته بعد يوم واحد.   محتوى مضمن من مواقع أخرى   قد تتضمن المقالات الموجودة على هذا الموقع محتوى مضمنًا (مثل مقاطع الفيديو والصور والمقالات وما إلى ذلك). يتصرف المحتوى المضمن من مواقع الويب الأخرى بنفس الطريقة تمامًا كما لو كان الزائر قد زار موقع الويب الآخر.   قد تجمع مواقع الويب هذه بيانات عنك ، وتستخدم ملفات تعريف الارتباط ، وتضمين تتبعًا إضافيًا لجهة خارجية ، وتراقب تفاعلك مع هذا المحتوى المضمن ، بما في ذلك تتبع تفاعلك مع المحتوى المضمن إذا كان لديك حساب وتم تسجيل دخولك إلى هذا الموقع.   مع من نشارك بياناتك   إذا طلبت إعادة تعيين كلمة المرور ، فسيتم تضمين عنوان IP الخاص بك في إعادة تعيين البريد الإلكتروني.   كم من الوقت نحتفظ ببياناتك   إذا تركت تعليقًا ، فسيتم الاحتفاظ بالتعليق والبيانات الوصفية الخاصة به إلى أجل غير مسمى. هذا حتى نتمكن من التعرف على أي تعليقات متابعة والموافقة عليها تلقائيًا بدلاً من الاحتفاظ بها في قائمة انتظار الإشراف.   بالنسبة للمستخدمين الذين قاموا بالتسجيل على موقعنا (إن وجد) ، نقوم أيضًا بتخزين المعلومات الشخصية التي يقدمونها في ملف تعريف المستخدم الخاص بهم. يمكن لجميع المستخدمين رؤية معلوماتهم الشخصية أو تعديلها أو حذفها في أي وقت (باستثناء أنه لا يمكنهم تغيير اسم المستخدم الخاص بهم). يمكن لمسؤولي مواقع الويب أيضًا رؤية هذه المعلومات وتحريرها.   ما هي الحقوق التي لديك على بياناتك   إذا كان لديك حساب على هذا الموقع ، أو تركت تعليقات ، فيمكنك طلب تلقي ملف مُصدَّر من البيانات الشخصية التي نحتفظ بها عنك ، بما في ذلك أي بيانات قدمتها إلينا. يمكنك أيضًا أن تطلب منا مسح أي بيانات شخصية نحتفظ بها عنك. هذا لا يشمل أي بيانات نحن ملزمون بالحفاظ عليها لأغراض إدارية أو قانونية أو أمنية.   أين نرسل بياناتك   يمكن التحقق من تعليقات الزوار من خلال خدمة الكشف التلقائي عن البريد العشوائي.
Save settings
Cookies settings