طنجة .. ندوة تقارب إشكالات وتجارب الهجرة في الثقافات المتوسطية

شكل موضوع “الهجرة في الثقافات المتوسطية .. إشكالات وتجارب” محور ندوة أقيمت، أمس الثلاثاء بطنجة، ضمن فعاليات النسخة السادسة من مهرجان “بصمات”، المنظمة مبادرة من “منتدى الفكر والثقافة والإبداع”، بحضور أكاديميين وخبراء وباحثين مغاربة وأجانب.

وأكد المشاركون، في هذه الندوة الأكاديمية، أهمية مقاربة البعد الثقافي للهجرة، وعدم الاكتفاء بالتعاطي مع الهجرة فقط من حيث الجوانب المتعلقة بالمجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وأن المهاجر يتنقل حاملا معه ثقافته بما تشمله من تربية وتنشئة اجتماعية، من سلوكات وتقاليد وعادات وفنون وآداب.

في هذا السياق، تطرق محمد الخشاني، الأستاذ الجامعي المختص في مجال الهجرة الدولية، إلى إشكالية اندماج المغاربة المقيمين بالخارج في بلدان الاستقبال، مقدما تمييزا بين مفهومي “الاندماج” و”الانصهار”.

وأوضح الخشاني، في مداخلة بعنوان “البعد الثقافي للهجرة وعوائق الاندماج في المجتمعات الأوروبية”، أن “الاندماج ينبني على التضامن والتماسك والاعتماد المتبادل، ضمن صيرورة طويلة المدى وشاملة لكافة أطياف المجتمع، هدفها المشاركة المتساوية والشاملة للأشخاص من أصول مهاجرة في الحياة العامة”.

بالمقابل، تابع الأكاديمي “أما الانصهار فهو يشكل العملية التي يتخلى من خلالها فرد أو أكثر عن ثقافتهم الأصلية ليتبنوا أعراف وعادات البلد المضيف التي تختلف عن تقاليدهم”، معتبرا أن الانصهار هو تمظهر لما وصفه بـ”ابتلاع” المواطن الأجنبي المقيم في البلد بما يفقده ذلك من كل أصالته وهويته الخاصة.

من جهته، لامس عبد الفتاح الزين، منسق الشبكة الإفريقية للهجرة والتنمية، مكامن الائتلاف والاختلاف بين مدن الموانئ بين شمال ضفتي البحر الأبيض المتوسط وجنوبه، كما هو الحال بالنسبة لطنجة ومارسيليا.

وأبرز، في معرض معالجته لمحور “الفضاء المتوسطي بين التقارب والتباعد على ضوء الهجرة.. أي دور للمدن-الموانئ؟”، أن هذه المدن “لم تعد تعتبر حدودا كما كانت عليه في السابق، بل أصبحت تشكل نقاط التقاء وعبور و تبادل اقتصادي و ثقافي بين الدول”.

ورأى أن هذا الوضع انعكس حتى على سينوغرافية هذه المدن من الناحية السوسيولوجية والأنثروبولوجية، على غرار محطات القطار – على سبيل المثال – التي كانت توصف من قبل بكونها “لا أمكنة” لتصبح نقاطا للتلاقي من خلال ما توفره من بنيات على غرار المقاهي وغيرها.

ودعا إلى التركيز على استثمار قوة انتماء المغرب إلى حوض البحر الأبيض المتوسط، وتعزيز اضطلاعه بدوره المحوري والريادي بالمنطقة المتوسطية، مع العمل على مواجهة الخطابات العنصرية، وتفكيك كل الصور النمطية التي يتم الترويج لها.

يشار إلى أن الندوة سبقها حفل تقديم رواية “جسر النعمانية” لمؤلفها عبد النور مزين”، حيث استعرض الناقد عبد السلام المنصوري، قراءة في مضامين متنها السردي.

وتناقش الرواية التي تقع في 654 صفحة من الحجم المتوسط إشكالية الهويات في دول الجنوب عموما والعالم العربي بوجه خاص، مع رصد ما لها من آثار على المستوى الداخلي والخارجي.

زر الذهاب إلى الأعلى