ترخيص “لمحلبة” فوق مراحيض الرميلات.. هل لدينا الجماعة التي نستحق؟

في طنجة، حيث تمتزج الحداثة بالعشوائية، تفجرت فضيحة جديدة تعكس الطريقة التي تُدار بها الأمور داخل دواليب الجماعة. هذه المرة، لم يكن الأمر يتعلق بأزمة النقل، ولا بمأساة العقار، بل بقرار عجيب منح بموجبه ترخيص “لمحلبة” فوق مساحة كانت مخصصة لإقامة مراحيض عمومية في منطقة الرميلات.
نعم، مراحيض تحولت بقدرة قادر إلى محل لبيع الحلويات والمأكولات الجاهزة، وكأن الجماعة قررت أن تشبع الناس قبل أن توفر لهم مكانًا لقضاء حاجتهم!
المثير في هذه القصة ليس فقط العبث بالتخطيط الحضري، بل كيف تعاملت الجماعة مع الملف. فبحسب المعطيات، صاحب المحلبة تقدم بمقترح لاستغلال مساحة تحت الدرجين بغابة الرميلات، بحجة أنها باتت مرتعًا للمنحرفين. وهكذا، ومن دون كثير عناء أو دراسات، وُضع الختم المقدس على الترخيص، وكأن الجماعة كانت تنتظر فرصة ذهبية للتخلص من هذه “المصيبة” التي اسمها المراحيض العمومية
المضحك المبكي في الأمر، أن هذا الترخيص مُنح بثمن بخس لا يتجاوز 28000 درهم سنويًا، وهو رقم أشبه بثمن كراء كشك في حي شعبي، وليس استغلال فضاء استراتيجي في واحدة من أجمل المناطق السياحية للمدينة. وبالطبع، لم يتوقف العبث هنا، فالمساحة التي سُلمت لهذا المشروع ليست فقط مربحة، بل تُعد إحدى النقاط الأكثر حيوية، إذ تستقطب المئات من الزوار والسياح، مما يجعلها كنزًا تجاريًا تم وهبه بثمن بخس، دون أي مزايدة علنية أو رؤية واضحة.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل كان القرار فعلًا لمصلحة السكان والزوار؟ أم أن الأمر يتعلق بحسابات خاصة داخل أروقة الجماعة، حيث يتم توزيع الامتيازات على من يُجيد الطرق على الأبواب الصحيحة؟ وإذا كان فعلاً هناك حاجة إلى استغلال هذه المساحة، ألم يكن من الأجدر أن تبقى المراحيض العمومية خدمةً ضرورية للمنطقة، بدلاً من تحويلها إلى مقشدة؟
قد يقول قائل إن الجماعة تحاول إيجاد حلول مبتكرة، لكن ما يحدث ليس ابتكارًا بقدر ما هو عبث إداري. فطنجة، المدينة التي تسير بخطى سريعة نحو التحول إلى قطب سياحي واقتصادي، تجد نفسها مرة أخرى غارقة في قرارات بدائية تجعلنا نتساءل: هل لدينا الجماعة التي نستحق؟ إذا كان الجواب نعم، فربما علينا أن نعيد التفكير في مفهوم الاستحقاق نفسه!