هل تحولت جماعة الليموري إلى “نعامة” أمام المنعشين العقاريين.. أكوام الردمة “توغل” المدينة في الوحل؟

في عز التساقطات المطرية التي تغرق طنجة، حيث يجد المواطنون أنفسهم محاصرين بالمياه والوحل، تتوارى الجماعة عن الأنظار، كأنها غير معنية بمشهد الفوضى الذي يتكرر كل عام. طرقات تحولت إلى برك مائية، أزقة غمرتها الأوحال، ومناطق سكنية تئن تحت وطأة الانهيارات والانجرافات منها الرهراه، لكن المسؤولين يفضلون الصمت وكأن الأمر مجرد سحابة عابرة.

المفارقة أن أصل هذه المعاناة ليس فقط الطبيعة، بل الفوضى العمرانية التي باركتها الجماعة على مدى السنوات الماضية، حيث وُزعت التراخيص بسخاء للمنعشين العقاريين دون رقابة، ليبني من يشاء حيث يشاء، ثم ليترك مخلفات البناء والردمة متناثرة في كل مكان، تنتظر أول زخة مطرية لتتحول إلى كارثة تداهم السكان في منازلهم.

منح الرخص السكنية لم يكن سوى الشق الأول من القصة، أما الشق الثاني فهو غياب أي محاسبة للمتسببين في ترك هذه المخلفات، وكأن المسؤولية تنتهي بمجرد جمع الرسوم الإدارية.

المواطن هو الوحيد الذي يدفع الثمن، إما بسيارته التي تعلق في الوحل، أو بمنزله الذي يصبح مهددًا بانهيار جزئي أو كلي، بينما يختفي المسؤولون خلف مكاتبهم، أو يكتفون بتصريحات لا تغير من الواقع شيئًا.

الغريب أن الجماعة تعرف تمامًا الشركات والمقاولات التي تترك مخلفاتها دون تصريف قانوني، وتعرف المواقع التي أصبحت نقاطًا سوداء بسبب هذه العشوائية، لكنها لا تحرك ساكنًا، فلا محاضر زجرية، ولا مساءلة، فقط صمت وتجاهل حتى تهدأ العاصفة.

هل هو عجز عن المواجهة أم تواطؤ مقصود؟ الأكيد أن الضحية دائمًا هو المواطن الذي يتساءل: هل الجماعة موجودة أصلًا لمحاسبة المخطئين، أم أنها موجودة فقط لمنح التراخيص دون أدنى متابعة؟

في طنجة، لا غرابة أن يحصل المستثمر على إذن بالبناء، ثم يُترك له الحبل على الغارب ليفعل ما يشاء بمخلفات ورشه. والنتيجة؟ أكوام من الردمة تتحول إلى أنهار موحلة تغرق المدينة مع كل تساقطات، وشوارع لم تعد تصلح حتى للمرور. ومع ذلك، كل هذا لا يدعو الجماعة إلى التحرك، وكأن وجودها في المشهد أصبح مجرد ديكور إداري بلا دور حقيقي.

زر الذهاب إلى الأعلى