في ظل استمرار احتجاجات عمال النظافة.. هل يطلع عمدة طنجة فعلا على تقارير الحسابات حول مسؤوليته؟

تعيش مدينة طنجة منذ أيام على وقع احتجاجات متكررة لعمال النظافة، كشفت حجم التوتر الذي يخنق قطاعًا حيويًا يرتبط بصورة المدينة وبالحق في بيئة سليمة.
فبين أكوام الأزبال المتراكمة في الأحياء والشوارع الرئيسية، وبين صرخات العمال الذين يشتكون من ظروف اشتغال مهينة وتأخر في صرف مستحقاتهم، برز سؤال جوهري: أين هي أعين جماعة طنجة؟ وهل عمدة المدينة منير الليموري يتابع فعلًا ما يجري، أم أن الصمت هو الجواب الرسمي الوحيد؟
المثير في هذا المشهد، ليس فقط تدهور الوضع البيئي، بل ما كشفته هذه الأزمة من فراغ واضح في تدبير ملفات كبرى، أبرزها تتبع عمل شركات التدبير المفوض، والتي لا تزال تحظى بحماية غير مفهومة، رغم التقارير الرسمية التي دقت ناقوس الخطر منذ سنوات.
المجلس الأعلى للحسابات، في أكثر من مناسبة، وجه ملاحظات دقيقة ومقلقة بخصوص طريقة تدبير قطاع النظافة في طنجة، مشيرًا إلى ضعف التتبع والمراقبة، وتهاون بعض المتدخلين في فرض احترام دفتر التحملات، لكن لا شيء تغيّر، وكأن هذه التقارير لا تجد من يقرأها أو يتفاعل معها من داخل الجماعة.
في خضم هذه الاحتجاجات، يحق للرأي العام أن يتساءل عن مصير اللجان المكلفة بتتبع عقود التدبير المفوض، والتي تتوصل سنويًا بتعويضات وميزانيات مهمة تحت ذريعة التقييم والمراقبة، دون أن تترك أثرًا ملموسًا على أرض الواقع.
فمن غير المقبول أن يتحول الوضع البيئي في مدينة بحجم طنجة إلى كارثة صحية صامتة، وسط غياب تام للمحاسبة أو حتى التوضيح.
الصور القادمة من بعض الأحياء تجعل من طنجة، التي يُفترض أنها في طور التحول إلى قطب اقتصادي وسياحي، تبدو وكأنها مدينة منسية. أكياس الأزبال منتشرة، والروائح تزكم الأنوف، وسائقو الشاحنات والعمال يضربون عن العمل، فيما المكتب المسير للجماعة يكتفي بالصمت، كأن الأمر لا يعنيه.
الاحتجاجات الأخيرة خاصة من عمال شركة “أرما” ما هي إلا نتيجة منطقية لتراكمات طويلة من الاختلالات، ولكنها أيضًا جرس إنذار بأن ثقة المواطنين في تدبير الشأن المحلي بدأت تتآكل.
فعندما لا يجد المواطن من يشرح له ما يجري، ولا يرى أي تحرك لتصحيح الوضع، يصبح الغضب هو العنوان الأبرز، وتتحول مدينة بكاملها إلى رهينة صراعات خفية أو غياب إرادة حقيقية للإصلاح.