المؤتمر الإقليمي للاتحاد الاشتراكي بطنجة.. ارتباك داخلي، انسحابات غاضبة وأسئلة معلّقة حول المستقبل

لم يشبه المؤتمر الإقليمي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بطنجة–أصيلة مؤتمرات حزب عريق يُفترض فيه أن يعكس تجربة تنظيمية راسخة، بل بدا أقرب إلى مشهد مرتبك تهيمن عليه الكواليس والصراعات الداخلية أكثر مما تحضره روح النقاش الديمقراطي.

فالمؤتمر الذي احتضنه المركب الثقافي أحمد بوكماخ وحضره إدريس لشكر الكاتب الأول للحزب إلى جانب عدد من القيادات الاتحادية، اتسم منذ بدايته بأجواء باهتة، حيث لم ينجح خطاب لشكر الذي وجّه فيه انتقادات حادة لرئيس الحكومة عزيز أخنوش في تحريك القواعد أو بعث رسائل جديدة تتجاوز لغة الاستهلاك السياسي.

وبدت تركيبة الحضور بدورها مثيرة للتساؤل، إذ غاب عنها طابع المناضلين القدامى الذين صنعوا تاريخ الحزب، وحلّت محلهم وجوه استُقدمت بطريقة تُذكّر بممارسات الأحزاب الإدارية، مما أفرغ المؤتمر من طابعه السياسي وأضفى عليه مظهراً بروتوكولياً أكثر من كونه محطة نضالية.

وفي خضم هذه الأجواء، جاءت واقعة انسحاب يوسف بنجلون، المستشار البرلماني وأحد أبرز الوجوه الاتحادية بالمدينة، مباشرة بعد الجلسة الافتتاحية، لتكشف حجم الارتباك الداخلي وتعطي الانطباع بأن الخلافات العميقة طغت على ما يفترض أن يكون لحظة لتجديد النفس التنظيمي.

الانسحاب الذي تم رفقة مجموعة من المنتخبين المحليين، اعتُبر إشارة قوية على رفض الطريقة التي دُبّر بها المؤتمر، خصوصاً بعد بروز اسم محمد غدان كاتباً إقليمياً في ظل كواليس لم ترُق تياراً واسعاً داخل الحزب كان يفضل الدفع بأسماء أخرى أكثر ارتباطاً بالمدينة.

ورغم أن الأشغال انتهت بانتخاب غدان كاتباً إقليمياً وأسندت رئاسة المجلس الإقليمي لرضوان العناز، إلا أن النتائج لم تقنع كثيرين بالنظر إلى المسار السياسي لغدان، الذي سبق أن ترشح في إقليم وزان دون أن ينجح في الفوز بمقعد برلماني، وهو ما أثار تساؤلات حول مدى امتداده الشعبي وقدرته على قيادة الاتحاد الاشتراكي في مدينة بحجم طنجة.

ويرى متتبعون للمشهد السياسي أن مغادرة بنجلون الغاضبة قد تسرّع انتقاله نحو ألوان سياسية أخرى، خاصة في ظل بحث أحزاب كبرى عن شخصيات ذات خبرة انتخابية قادرة على ضمان مقاعد برلمانية في دوائر حساسة مثل طنجة.

واعتبر هؤلاء أن ما وقع داخل المؤتمر لم يكن مجرد حادث عابر، بل محطة قد تُعيد تشكيل الخريطة الحزبية بالمدينة وتدفع الاتحاد الاشتراكي إلى خسارة أحد أبرز أعيانه ووجوهه البارزة.

وبذلك خرج المؤتمر بصورة مرتبكة، وكأنه مجرد تمرين تنظيمي شكلي يعكس الصراعات الداخلية أكثر مما يعكس قوة الحزب وتاريخه النضالي، تاركاً وراءه انطباعاً بأن الاتحاد الاشتراكي في طنجة يمر بمرحلة دقيقة تتطلب مراجعة عميقة بدل الاكتفاء بشعارات لم تعد تقنع حتى أبناء البيت الاتحادي نفسه.

زر الذهاب إلى الأعلى