من فضائح النقل إلى عصارة الأزبال.. هل يصمت مستشارو طنجة في دورة أكتوبر عن صيف أسود لن ينساه التاريخ؟

مع اقتراب دورة أكتوبر لمجلس جماعة طنجة، يخيّم صمت ثقيل على المشهد السياسي المحلي، وكأن المنتخبين قد اتفقوا مسبقاً على تجاوز الملفات الكبرى التي أنهكت المدينة في صيف وُصف بـ“الأسود”. صيف حمل معه الازدحام الخانق والغلاء الفاحش وتراكم النفايات وانقطاع الماء وأزمات بيئية واجتماعية، جعلت الساكنة تتساءل اليوم: هل سيصمت ممثلوهم عن كل هذه المآسي؟
هل سيصمتون عن أزمة النقل التي حوّلت تنقلات المواطنين إلى كابوس يومي، من اختناق الشوارع إلى الحافلات المهترئة التي لم تعد صالحة للخدمة، مروراً بأزمة سيارات الأجرة التي زادت الوضع سوءاً؟ وهل سيصمتون عن انقطاعات الماء الصالح للشرب التي شلّت حياة الأحياء طيلة أسابيع من الصيف؟ وهل سيتغاضون عن أزمة النفايات والروائح الكريهة التي اجتاحت الأحياء والشواطئ، في ظل عجز الشركات المفوضة عن مواكبة الضغط الكبير؟
هل سيصمتون عن فضيحة عصارة الأزبال “الليكسيفيا” التي تُفرغ في البحر بشكل صادم، في خرق فاضح للقانون البيئي وصحة الناس، بينما رفض العمدة حتى مناقشتها علناً؟ وهل سيتناسون المشاكل البيئية التي حولت حياة السكان إلى جحيم، من تلوث الشواطئ إلى أسراب الناموس والصراصير التي غزت الأحياء، والظواهر الاجتماعية التي عادت معها صور التسول والتشرد في قلب المدينة؟ وهل سيصمتون عن الغلاء الذي ضرب المواد الغذائية والإيجارات والمقاهي والمطاعم، في غياب أي رقابة تحمي المواطن؟
ثم هل سيصمتون عن شركة “سوماجيك” التي لم يعد يهمها سوى الربح السريع واستنزاف جيوب الطنجاويين؟ شركة تتعامل مع الساكنة بعجرفة وتسلط، تفرض اشتراكات مجحفة على المواطنين، وتحوّل خدمة مواقف السيارات إلى وسيلة لإثقال كاهل السكان والزوار. فهل يملك المجلس الشجاعة لمساءلة شركة لا ترى في طنجة إلا سوقاً مفتوحاً لجيوب مواطنيها؟
وهل سيصمتون أيضاً عن ما عاشته المدينة القديمة هذا الصيف، من إهمال طال معالمها التاريخية وإساءة لمآثرها العريقة، وصولاً إلى جشع بعض التجار الذين استباحوا فضاءاتها وعمّقوا فوضاها؟ أليست حمغاية المدينة القديمة واجهة طنجة الثقافية والحضارية واجباً يفوق في أهميته كل الشعارات الانتخابية؟
وأخيراً، هل سيصمتون عن عمدة يتعامل مع طنجة كأنها مجرد محطة عابرة في جدول أسفاره، بدل أن يتحمل مسؤوليته أمام الساكنة؟ وهل سيغضّون الطرف عن صيف أساء إلى طنجة وإلى تاريخها كحاضرة متوسطية كبرى؟
إن دورة أكتوبر ليست مجرد جلسة شكلية، بل امتحان حقيقي لممثلي الساكنة. وإذا صمتم، أيها السادة المنتخبون، عن صيف طنجة الأسود وعن كل ما كشفه من اختلالات، فتأكدوا أن طنجة ستعيش مواسم صيفية سوداء أخرى، وأن التاريخ لن يسامحكم عن فظاعة ما يفعله مكتب الجماعة بمدينتكم وساكنتها.
