بعد ليلة بيضاء داخل محكمة طنجة.. أحكام ثقيلة في ملف “جيل Z” وسط صدمة وبكاء الأسر

بعد ليلة بيضاء داخل محكمة الاستئناف بطنجة، انتهت واحدة من أطول الجلسات وأكثرها توتراً في ملف احتجاجات “جيل Z” بأحكام تراوحت بين سنتين وعشر سنوات سجناً نافذاً، وسط مشاهد من الصدمة والبكاء داخل القاعة.

امتدت الجلسات إلى غاية الساعات الأولى من الفجر، بينما انتظرت أسر المتهمين خارج القاعة بقلوب مرتجفة، إلى أن نطق القاضي بالأحكام التي نزلت كالصاعقة على الحاضرين، فتعالت صرخات الأمهات وانهارت بعضهن من شدة الانفعال، في ليلة اختلط فيها القانون بالدموع.

القضية التي شغلت المدينة خلال الأيام الأخيرة انطلقت مطلع هذا الشهر، حين خرج عشرات الشبان في وقفات احتجاجية استجابة لدعوات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي وتطبيق “ديسكورد” تحت شعار “جيل Z”. تحركت المسيرات بشكل سلمي في البداية، لكن سرعان ما انزلقت نحو أعمال فوضى وتخريب في بعض المناطق، خصوصًا بواجهة مالاباطا، حيث تعرضت متاجر وسيارات ومرافق عمومية لأضرار كبيرة. هذا الوضع استدعى تدخلاً أمنياً مكثفاً لإعادة النظام، وأسفرت عمليات التمشيط عن توقيف عدد من الشبان، بينهم قاصرون، بعضهم لم يشارك فعلياً في الاحتجاج بل وجد نفسه وسط الأحداث بالصدفة.

النيابة العامة تابعت المتهمين بتهم ثقيلة تتعلق بالتخريب وإضرام النار وإهانة موظفين عموميين أثناء قيامهم بمهامهم ومحاولة السرقة الموصوفة والعصيان، وهي أفعال يعاقب عليها القانون بشدة. وعلى مدى أسابيع، شهدت قاعة الجنايات نقاشات حادة ومرافعات مطولة بين الدفاع والنيابة، تخللتها لحظات إنسانية مؤثرة، خصوصًا حين تحدث بعض المتهمين عن ظروفهم الاجتماعية البسيطة وعن اندفاعهم العفوي دون إدراك لعواقب ما وقع.

الأحكام التي صدرت فجّرت نقاشًا واسعًا داخل المدينة، بين من رأى فيها ضرورة لضمان هيبة الدولة وحماية الممتلكات، ومن اعتبرها قاسية في حق جيل شاب يعيش احتقانًا اجتماعيًا ويبحث عن صوته وسط واقع خانق.

النيابة العامة كانت قد أكدت في بلاغاتها السابقة أن الحق في التظاهر السلمي مكفول دستورياً، لكنها شددت على أن العنف والفوضى لا يمكن التساهل معهما بأي شكل. ومع طي صفحة المحاكمة، يبقى السؤال مطروحًا حول ما إذا كانت هذه الأحكام قد أغلقت جرحاً مؤقتًا أم فتحت نقاشًا أعمق حول علاقة الدولة بشبابها، وحول كيفية استيعاب موجات الغضب القادمة من جيل يعيش بين العالم الافتراضي وواقع لم يعد يواكب تطلعاته.

 

زر الذهاب إلى الأعلى