غياب بنجلون عن مؤتمر حزب الوردة يثير الاستغراب: كيف لمستشار برلماني أن يغيب عن مؤتمر حزبه؟ وهل يواصل هوايته في الترحال السياسي؟

أثار غياب المستشار البرلماني يوسف بنجلون، الذي يمثل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في مجلس المستشارين، عن أشغال المؤتمر الوطني الثاني عشر للحزب المنعقد بمدينة بوزنيقة، موجة من التساؤلات داخل الأوساط السياسية بمدينة طنجة، حول مستقبل علاقته بالحزب ومدى التزامه بخطه التنظيمي.

ففي الوقت الذي اجتمعت فيه قيادات الحزب ومناضلوه من مختلف جهات المملكة لمناقشة قضايا التنظيم وتجديد الرؤية السياسية، غاب بنجلون بشكل كامل عن هذا الموعد الوطني البارز، في خطوة فسّرها كثيرون بأنها مؤشر على فتور العلاقة بينه وبين الحزب، وربما تمهيد لرحيله نحو وجهة سياسية جديدة، خصوصاً في ظل ما يُتداول في كواليس السياسة بطنجة حول استعداده للترشح في الاستحقاقات المقبلة تحت لون حزبي مختلف.

يوسف بنجلون ليس وجهاً جديداً على الساحة الانتخابية، لكنه واحد من أبرز الأمثلة على ظاهرة “الترحال السياسي” التي باتت تُفرغ العمل الحزبي من مضمونه. فالرجل خاض تجارب انتخابية متتالية بألوان متعددة؛ حيث ترشح باسم حزب التجمع الوطني للأحرار، ثم باسم حزب العدالة والتنمية، قبل أن يستقر مؤقتاً في حزب الاتحاد الاشتراكي الذي يمثله حالياً في مجلس المستشارين، دون أن يُسجَّل له حضور في مؤتمره الوطني الأخير.

هذا السلوك، الذي يُعبّر عن علاقة ظرفية لا مبدئية بالأحزاب، يُجسّد أزمة أعمق من مجرد خلاف شخصي أو تنظيمي؛ إنه تجسيد لواقع سياسي يزداد فيه الولاء للمقاعد أكثر من الولاء للأفكار. ظاهرة من هذا النوع تُكرّس فقدان الثقة في الأحزاب، وتُبعد الشباب عن الانخراط في الحياة السياسية، بعدما أصبحت صورة “السياسي الرحّال” تهيمن على المشهد وتطغى على صورة المناضل الملتزم.

كيف يمكن إقناع الشباب بأهمية المشاركة في العمل الحزبي، وهم يرون من يمثل الأحزاب في المؤسسات الدستورية يغيب عن مؤتمراتها الوطنية، ويبدّل انتماءاته كما تُبدّل الأقمصة الانتخابية؟ إن من لا يحضر بين صفوف حزبه، لا يمكن أن يُقنع الناس بأنه يحمل مشروعه أو يدافع عن قضاياه.

الغياب الصامت ليوسف بنجلون عن المؤتمر الوطني للاتحاد الاشتراكي ليس مجرّد تفصيل بروتوكولي، بل عنوان لأزمة أعمق يعيشها جزء من النخبة السياسية بطنجة، التي تتعامل مع الأحزاب كوسائل عبور لا كفضاءات نضال. وهي أزمة تُضعف مصداقية التمثيل، وتُفرغ السياسة من روحها، وتجعل الشباب ينظر إلى المشهد السياسي بمزيج من السخرية واللامبالاة.

فالسياسة ليست تنقلاً بين الأحزاب، بل وفاءٌ لفكرة، والتزام بمسار، وموقف لا يتغيّر بتغيّر الألوان.

زر الذهاب إلى الأعلى