فضائح تعميرية تهز جماعة أصيلة بعد انتخاب مكتبها الجديد

كشفت وثائق ومعطيات مسربة، ظهرت مباشرة بعد انتخاب المكتب الجديد لتسيير بلدية أصيلة، عن فضائح عقارية خطيرة ارتكبها أحد نواب رئيس الجماعة السابقين. وتُظهر الوثائق أن المعني بالأمر قام بتوقيع رخص أحادية لتشييد تجزئات وعمارات سكنية، في خرق صريح للتفويض القانوني الذي كان بحوزته من طرف الرئيس الراحل.
ويعود التفويض رقم 489 الصادر بتاريخ 4 أكتوبر 2021، إلى الرئيس السابق للجماعة، والذي خوّل نائبه توقيع رخص محددة تتعلق بالبناء الفردي والمساكن الاقتصادية، وأعمال الإصلاح والهدم، ورخص السكن وشهادات المطابقة والتنبر، إضافة إلى تمثيله في الاجتماعات الرسمية ذات الصلة بالتعمير. غير أن النائب تجاوز هذه الصلاحيات عبر التوقيع المنفرد على رخص كبرى لبناء عمارات وتجزئات سكنية لا تدخل ضمن اختصاصاته المفوضة.
وأثارت هذه الخروقات استغراب مكونات المجلس الحالي، خاصة بعد اكتشاف مستحقات تفوق 140 مليون سنتيم لفائدة الجماعة، مرتبطة بضرائب على الأراضي العقارية تعود لإحدى المستفيدات، تُدعى (ح.ح)، والتي حصلت على رخص بناء متعددة الطوابق من طرف النائب نفسه، دون المرور عبر المساطر القانونية المعتادة.
وبحسب المعطيات ذاتها، لم يتوقف النائب عند هذا الحد، بل تبين أنه منح رخصًا أخرى في ظروف مشابهة، بعضها لفائدة أقربائه، مستغلًا الغياب المتكرر للرئيس الراحل عن المدينة بسبب وضعه الصحي، مما خلق فراغًا في تتبع الشأن التعميري استغله النائب لتوسيع نفوذه.
وأكد مصدر مطلع أن الرئيس السابق، محمد بنعيسى، اكتشف هذه التجاوزات قبل وفاته بأشهر قليلة، فسارع إلى سحب التفويض من نائبه وإبلاغ السلطات المختصة، بما في ذلك وزارة الداخلية وولاية الجهة. كما وضع شكاية رسمية تبرأ فيها من أي مسؤولية عن الرخص الأحادية الموقعة دون احترام المساطر القانونية، خاصة في ظل تغييب الوكالة الحضرية والمنصة الرقمية التي تم إنشاؤها لتدبير هذه العمليات بشفافية.
وقد جرى توثيق قرار سحب التفويض في الجريدة الرسمية الخاصة بالجماعات الترابية، وهو ما اعتبره العديد من المتتبعين خطوة غير متوقعة بالنظر إلى العلاقة القوية التي كانت تجمع بين الرئيس الراحل ونائبه المعني. هذا القرار أثار موجة من التساؤلات حول التدبير السابق لملف التعمير في أصيلة، وفتح الباب مجددًا أمام مطالب بتوسيع التحقيقات ومحاسبة كل المتورطين، خاصة وأن هذه التجاوزات سبق أن تسببت في عزل عدد من رؤساء الجماعات بجهة طنجة تطوان الحسيمة.
وتُطرح اليوم تساؤلات جدية حول مدى التزام المسؤولين المحليين بضمان الشفافية واحترام القانون في مجال التعمير، أحد أكثر الملفات حساسية وتأثيرًا على مستقبل المدينة وتوازنها العمراني.