“مول الصبّاط” والموظف المليونير… انقلاب ناعم يُطبخ في كواليس حزب الجرار بطنجة والدفوف تحت النار!

فبعد أشهر من التحرك الهادئ في الكواليس، دخل الثنائي المعروف بـ”مول الصبّاط” و”الموظف المليونير” مرحلة الهجوم المباشر، مُعلنين عن خطة غير معلنة تستهدف إعادة تشكيل المشهد الحزبي والسياسي في المدينة، انطلاقًا من داخل حزب الجرار، وصولًا إلى فرض وجوه معينة وإقصاء كل من يشكل تهديدًا لمسارهم.

في مقدمة المستهدفين، يوجد البرلماني عادل الدفوف، الذي رغم كونه من أكثر البرلمانيين نشاطًا في طرح الأسئلة الكتابية والشفوية، إلا أنه بات عرضة لحملة متواصلة، يبدو أنها تتجاوز حدود المنافسة السياسية الطبيعية، لتأخذ طابعًا تصفويًا منظّمًا.

غير أن كل هذا لا يُفهم خارج سياق تحركات مول الصبّاط، الذي تصفه أوساط سياسية في طنجة بأنه أكثر سفرًا من ابن بطوطة نفسه، إذ إن المدينة لا تعدو أن تكون بالنسبة له محطة استراحة بين الرحلات، بينما تُدار بعض “خيوط اللعبة” من بعيد، سواء من مقرات خارج طنجة أو في فضاءات محلية مغلقة، حيث تُعقد الاجتماعات وتُرسم الأهداف.

ووسط هذا الحراك، يبدو أن مول الصبّاط، الذي يدرك في قرارة نفسه أن عودته إلى المنصب السياسي الحالي أصبحت من رابع المستحيلات – حتى لو انطبقت السماء على الأرض – قد بدأ في تسويق رواية جديدة داخل محيطه الضيق. فحسب ما يتناقله المقربون منه، يرى نفسه اليوم مرشحًا للمناصب العليا في الدولة، بل لا يخفي في جلساته الخاصة طموحه في أن يكون ضمن التشكيلة الحكومية المقبلة، وإن لم يُعيّن وزيرًا للخارجية – كما يُسرّ لبعضهم – فسيكون حاملًا لحقيبة أخرى داخل الحكومة.

رغبة تلامس أحلام اليقظة أكثر مما تعكس حسابات الواقع، لكنها تعبّر عن نزعة نحو صناعة صورة جديدة تُجمّل الحاضر المأزوم وتؤسس لمستقبل يُراد له أن يبدو محسومًا قبل أوانه.

وإذا كان مول الصبّاط يُحاول اليوم أن يعيد تقديم نفسه كسياسي محنّك ونزيه، فإن الوقائع تكشف عن رغبة واضحة في الظهور بمظهر الفارس الوحيد في المدينة، عبر تحالفه مع “الموظف المليونير” الذي لا يزال مصدر تساؤل داخل الأوساط التنظيمية والسياسية.

فالحديث عن هذا “الموظف العادي” الذي راكم في ظرف زمني قصير ثروة معتبرة ونفوذًا ملحوظًا، لا يتوقف. من أين له كل هذه القدرة على توجيه قرارات داخل حزب التراكتور؟ كيف أصبح مقرّرًا لمن يُمنح التزكية ومن يُقصى؟ وما هي شبكات النفوذ التي تحيط به وتمنحه هذا الدور الذي لا ينسجم لا مع رتبته ولا مع مهامه الإدارية؟

وفي هذا السياق، يلاحظ أن مول الصبّاط، بعد نهاية الاجتماعات المغلقة، قد أصبح أكثر سَخاءً في تعامله داخل الكواليس السياسية. فخلال هذه الاجتماعات، أصبح – كما تفيد بعض المصادر – يُحيي الحاضرين بحرارة، ويسلّم على الجميع بسخاء لافت، كمن يريد أن يبعث برسائل ودٍّ وطمأنة وسط موجة شكوك وتوجسات، في محاولة ربما لإعادة بناء شبكة علاقات جديدة تُمهّد له طريق العودة من نافذة أوسع.

الخطير أن هذا التوجّه يجد صداه في بعض الأبواق المشبوهة، التي تُروّج لرواية وحيدة: هناك سياسي نزيه مقابل خصوم فاسدين، دون تقديم أي قراءة موضوعية للواقع، أو احترام للذكاء الجماعي لسكان المدينة، الذين يتابعون المشهد عن كثب، ويعرفون جيدًا من يُدير خيوط اللعبة، ومن يحاول فقط النجاة بصورته.

اليوم، يبدو أن جبهة “مول الصبّاط – الموظف المليونير” لم تعد تبحث فقط عن إزاحة اسم برلماني أو إعادة توزيع التزكيات، بل تعمل على إعادة صياغة المشهد كاملاً، وفق مقاس نخبة مغلقة تتبادل الأدوار والمصالح، دون أدنى اعتبار للشفافية أو التوازن التنظيمي.

ومع اقتراب الاستحقاقات، يصبح السؤال أكثر إلحاحًا: هل ما يجري هو صراع طبيعي داخل الأحزاب، أم أن المدينة تُقاد إلى وجهة لا يُناقش فيها سوى ما يُطبخ في الغرف المغلقة؟

زر الذهاب إلى الأعلى