لا ولاء إلا للغالب.. “الله ينصر اللي صبح” شعار المرحلة للموظف المليونير

في خضم الاضطرابات الداخلية التي يعيشها حزب الجرار، يواصل “الموظف المليونير” تموقعه المريح في الظل، رافضًا الاصطفاف المعلن مع أيّ من الأطراف المتصارعة. رجل يعرف كيف ينتظر اللحظة المناسبة. لا يرفع صوته، ولا يدخل المعارك المباشرة، لكنه حاضر بقوة في الكواليس، يحرّك خيوط اللعبة بصمت، ويتحكم في إيقاع التحالفات والقرارات دون أن يظهر في الصورة.

هذا السلوك المتكرر لم يعد مجرّد حذر سياسي. بل صار بالنسبة لكثير من المتتبعين أسلوبًا مُمَنهجًا في إدارة النفوذ داخل التنظيم، خصوصًا في ظل الترقب المحيط بدور القيادة المركزية فيما يشبه الوساطة الثلاثية لإعادة الأمور إلى نصابها.

الموظف المليونير، الذي ظل لسنوات يتحرك بأريحية داخل التنظيم، يبدو اليوم أكثر حرصًا على البقاء بعيدًا عن أي انخراط علني، مكتفيًا بالمراقبة الهادئة لما يجري، في انتظار اللحظة التي يترجح فيها كفّة طرف على آخر، ليعيد التموضع كما فعل في محطات سابقة.

لكن ما يثير المزيد من علامات الاستفهام هو ما يُتداول بشأن ثروته الكبيرة، والتي لا تتناسب مع مساره المهني المعروف. فقد راكم هذا الرجل في ظرف زمني قصير ممتلكات لافتة داخل المغرب وخارجه، تشمل عقارات ومشاريع بأسماء مختلفة، ما يجعل بعض خصومه يتساءلون عن مصادر هذه الثروة، وعن كيفية تطورها بهذا الشكل المتسارع، خاصة في ظل احتفاظه بوظيفة إدارية عادية. الغموض لا يخص فقط قيمة ما يملك، بل يشمل أيضًا غياب أي تدقيق حقيقي أو مساءلة واضحة، وكأن هناك توافقًا غير معلن على تجنب الخوض في هذا الجانب، رغم ارتباطه المباشر بموقعه وشبكة النفوذ التي نسجها على مهل.

ولعل ما يزيد من تعقيد الصورة هو تحكمه في ما يُعرف بـ”تسوية الوضعية”، حيث تتكرر حالات تمر فيها ملفات دون غيرها، وتُحلّ معضلات بسرعة لجهات معيّنة، بينما تُركن ملفات مشابهة دون مبرر واضح. هذا التمييز في المعاملة، وإن لم يُعبّر عنه أحد صراحة، صار يثير حرجًا، ويدفع إلى طرح تساؤلات جدية حول من يُقرر؟ وبأي منطق يتم ترتيب الأولويات؟

في ظل كل هذا، يستمر “الموظف المليونير” في رسم موقعه بدقة، متجنبًا أي تحرك يُفسَّر كاصطفاف، ومُمعنًا في إدارة حضوره بما يضمن له التأثير مهما تغيرت الأسماء.

هو لا يظهر كثيرًا، لكنه حاضر حيث تُرسم القرارات، وأينما تُحدد المسارات. ومع اقتراب الاستحقاقات المقبلة، يبدو أن هذا النفوذ الصامت سيظل أحد أعمدة اللعبة الداخلية، ما لم تفرض التحولات القادمة لحظة كشفٍ حقيقية.

زر الذهاب إلى الأعلى