دقة تابعة دقة: أحكام قضائية تُربك جماعة طنجة بسبب نزع الملكية

أصدرت المحكمة الإدارية بطنجة حكماً جديداً ضد جماعة طنجة، يقضي بتغريمها مبلغ 200 مليون سنتيم، على خلفية نزع ملكية عقار بمنطقة العوامة تفوق مساحته 2500 متر مربع، دون احترام المساطر القانونية المنظمة لهذا الغرض.
الحكم جاء في سياق سلسلة من الدعاوى التي تقدم بها متضررون ضد الجماعة، احتجاجاً على ما وصف بـ”التدبير الفاشل” في قضايا نزع الملكية، حيث يلجأ المواطنون إلى القضاء الإداري لرد الاعتبار واسترجاع حقوقهم.
القضية الأخيرة تعكس، بحسب متتبعين، إشكالية متكررة في تدبير الشأن العقاري من طرف الجماعة، خاصة عندما يتم اللجوء إلى وضع اليد على العقارات لتنفيذ مشاريع جماعية أو مرفقية دون استكمال إجراءات التعويض أو احترام الشروط القانونية. الأمر لا يضر فقط بالمتضررين الذين يجدون أنفسهم محرومين من ممتلكاتهم، بل يُثقل أيضاً كاهل مالية الجماعة التي تصبح ملزمة بدفع تعويضات ضخمة كان يمكن تفاديها بالتدبير السليم.
الأمر لم يقف عند هذا الحد، فالمحكمة نفسها سبق أن أصدرت حكماً يلزم الجماعة بأداء أكثر من 420 مليون سنتيم لفائدة بلدية “أونطريك” الفرنسية، بعد استغلال نصف عقار مملوك لها لإقامة مقبرة بمنطقة طنجة البالية، دون موافقة أو تعويض مسبق. وهو ما يبرز أن الأمر لم يعد يتعلق بحالات معزولة، بل بممارسات متكررة قد تجر الجماعة إلى نزيف مالي متواصل.
الرأي السائد لدى عدد من المراقبين هو أن هذه الملفات تكشف خللاً هيكلياً في التعاطي مع مسألة نزع الملكية، حيث تُفترض الشفافية والتقيد بالقانون كضمانة لحقوق الأفراد والمؤسسات على حد سواء. فالجماعة التي يُفترض أن تكون قدوة في احترام القانون، تجد نفسها اليوم في موقع المتهم والمتسبب في ضياع المال العام، بسبب قرارات ارتُجالية كان بالإمكان معالجتها عبر الحوار والالتزام بالمساطر القانونية.
ولعل الدرس الأبرز الذي ينبغي استخلاصه هو أن الاستهانة بالإجراءات القانونية، تحت مبررات الاستعجال أو “المصلحة العامة”، ينتهي دائماً بخسارة مضاعفة: خسارة ثقة المواطنين أولاً، واستنزاف مالية الجماعة ثانياً، في وقت تحتاج فيه المدينة إلى كل درهم لتطوير بنيتها التحتية وتحسين خدماتها.
