غضب الوالي بسبب خروقات التعمير يُربك رجال السلطة بطنجة

علمت “طنجة الآن” من مصادر مطلعة أن لجنة ولائية خاصة شرعت، خلال الأيام القليلة الماضية، في جولات ميدانية شملت عدداً من الملحقات الإدارية بمقاطعات طنجة الأربع، في إطار حملة دقيقة للوقوف على وضعية التعمير، ورصد الاختلالات والخروقات التي تمس مجال البناء والتهيئة الحضرية.
وتؤكد المصادر أن هذه الحملة جاءت بتعليمات مباشرة من والي جهة طنجة تطوان الحسيمة، يونس التازي، الذي بدا غاضباً من أداء بعض رجال السلطة ورؤساء الدوائر، بعدما أظهرت التقارير والمعاينات وجود تقاعس واضح في القيام بالمهام الرقابية الأساسية، وفي مقدمتها مراقبة الأوراش والتدخل الحازم ضد أي تجاوزات للقانون.
وتشير المعطيات ذاتها إلى أن هذا الغضب انعكس بشكل مباشر على أجواء المسؤولين الترابيين الذين يعيشون حالة ترقب وارتباك، إذ يُدركون أن أي تهاون أو تراخٍ في هذا الملف قد تكون له تبعات إدارية صارمة. فالتازي، المعروف بعدم تساهله مع خروقات التعمير، وجّه رسالة صريحة مفادها أن المسؤولية فردية ومحددة، وأن زمن التبريرات انتهى.
ويأتي هذا التحرك في سياق يتّسم بحساسية خاصة، حيث تعيش طنجة دينامية حضرية غير مسبوقة بفعل الأوراش الكبرى المفتوحة، من تهيئة البنية التحتية، وتوسيع الشبكات الطرقية، إلى الاستعداد لاحتضان مواعيد رياضية وسياحية دولية بارزة. غير أن هذه الدينامية تواجه خطر التشويه بفعل توسع البناء العشوائي والتجاوزات غير المرخصة، التي تضر بجمالية المدينة وتربك التوازن العمراني.
وضل التعمير بطنجة على مدى سنوات واحداً من الملفات الشائكة، إذ لطالما أثارت الخروقات فيه جدلاً واسعاً داخل الرأي العام المحلي، وأحرجت السلطات الترابية التي تُتهم أحياناً بغض الطرف أو التعامل بانتقائية. ويأتي تدخل التازي اليوم ليعيد ترتيب الأوراق، ويعيد لهذا القطاع ما يعتبره الكثيرون “هيبته المفقودة”.
كما يرى مراقبون أن اللجنة الولائية لا تكتفي بالمعاينات الشكلية، بل تعمل على تجميع معطيات دقيقة وموثقة، تمهيداً لاتخاذ قرارات قد تُحدث زلزالاً إدارياً داخل هرم السلطة المحلية بطنجة. وهو ما يفسر الأجواء المشحونة التي تعيشها بعض المقاطعات، حيث الأعين مترقبة والأيادي على القلوب.
وتشير نفس المصادر إلى أن الحملة لا تستهدف فقط ضبط مخالفات آنية، بل تسعى أيضاً إلى وضع آليات جديدة للرقابة والتتبع، بما يضمن أن لا تتكرر هذه الانزلاقات مستقبلاً. فالوالي التازي يعتبر أن حماية المجال العمراني للمدينة ليست خياراً، بل التزاماً استراتيجياً لضمان استقرارها وتنميتها على المدى البعيد.
وبذلك، تبدو الرسالة التي وجّهتها الولاية واضحة: ملف التعمير خط أحمر، والصرامة في التعامل معه خيار لا رجعة فيه. والمرحلة المقبلة قد تشهد قرارات مصيرية ستحدد من هم المسؤولون الذين يملكون الجرأة والكفاءة لحماية القانون، ومن هم الذين قد تطيح بهم خروقات لم يعودوا قادرين على تبريرها.
