تقارير اللجان داخل جماعة طنجة… أوراق تُكتب ولا تُفعل!

تشهد جماعة طنجة منذ سنوات حالة من الركود الإداري والسياسي في ما يتعلق بعمل اللجان الدائمة وإنتاج التقارير الرقابية، إذ تُعقد الاجتماعات، وتُحرر الوثائق، وتُقدَّم التوصيات، لكن دون أن تُترجم إلى قرارات أو إجراءات عملية على أرض الواقع.
هذه التقارير، التي يُفترض أن تكون أداة فعالة للمراقبة والتقويم داخل الجماعة، تحوّلت في نظر كثيرين إلى مجرد أوراق توضع في الرفوف دون أي أثر ملموس في تحسين الخدمات أو معالجة الاختلالات.
فعلى الرغم من الجهود التي يبذلها بعض الأعضاء داخل اللجان، والحرص على إعداد تقارير دقيقة حول عدد من القطاعات الحيوية كالنظافة، التعمير، النقل الحضري، وتدبير المرافق العمومية، إلا أن هذه الجهود غالبًا ما تصطدم بغياب الإرادة السياسية لدى الأجهزة المسؤولة عن التنفيذ، ما يجعل عمل اللجان شكليًا أكثر منه فعليًا. فكل دورة جماعية تنتهي بنفس الطريقة: اجتماعات طويلة، توصيات متكررة، ووعود بإعادة النظر في الملفات العالقة، ثم صمت طويل حتى الدورة المقبلة.
هذا الوضع يطرح تساؤلات كثيرة حول جدوى وجود اللجان أصلاً، إذا كانت تقاريرها لا تجد طريقها إلى التطبيق. فالقانون التنظيمي للجماعات الترابية منح هذه اللجان صلاحيات واسعة لمراقبة وتقييم وتقديم اقتراحات الإصلاح، لكن الواقع في جماعة طنجة يُظهر فجوة كبيرة بين النص والممارسة.
وكأن التقارير تُكتب فقط لتبرير أداء المجلس أمام الرأي العام، وليس لإحداث تغيير حقيقي.
المواطن الطنجاوي لم يعد يهمه عدد التقارير التي تم إنجازها أو عدد اللجان التي اجتمعت، بل يبحث عن نتيجة ملموسة في حياته اليومية. يريد شوارع نظيفة، ونقلًا حضريًا منظمًا، وإنارة عمومية دائمة، ومرافق تُدار بكفاءة. كل هذه الملفات تناولتها لجان الجماعة في تقاريرها مرارًا، لكن دون أثر واضح. والنتيجة أن الثقة بين المواطن ومؤسسته المنتخبة تتآكل يومًا بعد يوم، لأن المواطن يرى أن كل ما يُكتب في تلك التقارير لا يتجاوز حدود الورق.
إن غياب المتابعة والمحاسبة داخل الجماعة هو السبب الرئيسي في هذا العجز المزمن. فلا توجد آلية لتقييم ما تم تطبيقه من التوصيات، ولا جدول زمني واضح لتنفيذها. وحتى عندما يُثار الموضوع داخل المجلس، يكون النقاش أقرب إلى تبادل اللوم السياسي منه إلى وضع حلول عملية. وبذلك، تبقى التقارير مجرد وثائق بيروقراطية تُنتج في كل دورة، ثم تُطوى دون أثر.
المطلوب اليوم هو ربط عمل اللجان بالفعل الميداني، وإلزام المكتب المسير بعرض تقارير دورية تبين ما تحقق من التوصيات السابقة، ونشرها بشفافية للرأي العام المحلي. كما ينبغي أن تنفتح الجماعة على المجتمع المدني والفاعلين المحليين لمواكبة هذه التقارير ومراقبة تنفيذها، حتى لا تبقى المسألة حبيسة الاجتماعات المغلقة.
