فلكلور على الحفر في “ماطا”… وملايين تتناثر لحملة استعراضية ل “آل بركة”!”

من عجائب جهة طنجة الكبرى، مهرجان “ماطا” للفلكلور الذي يُقام بضواحي العرائش، والذي بات يشكّل ظاهرة فنية وسياسية… ولكن ليس كما قد يتبادر إلى الأذهان.
المهرجان، الذي يُفترض أنه تظاهرة ثقافية تحتفي بالتراث الشعبي، تحول إلى ما يشبه عرضًا مفتوحًا للاستعراضات العضلية للمنتخبين المحليين، خصوصًا أبناء “آل بركة”، الذين لا يضيعون فرصة إلا ويحولونها إلى منصة انتخابية مسبقة، ولو كان ذلك على أنغام “العيطة” .
المثير للسخرية أن هذا المهرجان، الذي يستهلك ملايين الدراهم من أموال المؤسسات العمومية، يُقام في منطقة بالكاد تصلها العربات.
طريق موحل، محفر، تتنازع فيه العجلات مع الحفر، وكأن الوصول إلى “مالطا” ليس فقط رحلة ثقافية، بل تمرين في الصبر والتأمل في حكمة المسؤولين. كأن من أراد حضور الفلكلور عليه أولاً أن يعيش معاناة القرون الوسطى في التنقل. سيارات تغوص في الوحل، حافلات تتوه وسط الغبار، ووجوه زوّار يتساءلون: هل هذه مالطا أم ملططة؟
وفي الوقت الذي يُفترض أن تذهب ميزانية المهرجان نحو تطوير البنية التحتية وتشجيع الفعل الثقافي الحقيقي، تُصرف الأموال بسخاء على فرق فلكلورية تُكرر نفس العروض كل سنة، وخيام فاخرة للضيوف المهمين الذين لا يمرّون طبعًا من نفس الطريق المهترئ، بل يصلون محمولين على أجنحة “العناية الخاصة”، كي لا تلطخ أحذيتهم اللامعة بتراب الناس البسطاء.
أما نجوم المهرجان الحقيقيون، فهم ليسوا الفنانون ولا الفرق المشاركة، بل المنتخبون المتأنقون، الذين يصعدون المنصات أكثر من صعودهم للمجالس المنتخبة. يصافحون الكبار والصغار، يوزعون الابتسامات والوعود، يلتقطون الصور من كل الزوايا، كما لو أنهم حضروا لتدشين حملة انتخابية قبل الأوان لا مهرجانًا للفلكلور. شعارهم في ذلك: “لن نُضيّع فرصة ظهور واحدة، ولو كانت على إيقاع الطبل”.
وهكذا، يبقى مهرجان “ماطا” علامة فارقة في صناعة التناقض: ميزانية ضخمة في مقابل طريق يُبكي، فن يُستنسخ كل سنة، ومناسبة ثقافية تُستخدم كمنصة انتخابية مكشوفة، كل ذلك باسم الفلكلور، وكل ذلك يُموّل من جيب المواطن… الذي لا يجد أحيانًا حتى “فلكلورًا” يضحك عليه.