فضيحة تربوية بطنجة: تلاميذ يحتفلون بالنجاح صباحًا ويُعلنون راسبين مساءً.. خطأ مهني من نيابة التعليم يهز الثقة في نتائج الامتحانات

في واقعة أثارت موجة من الغضب والاستغراب، شهدت مؤسسات تعليمية تابعة للمديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بطنجة-أصيلة، يوم أمس الثلاثاء، ارتباكًا كبيرًا عقب إعلان نتائج السنة الثالثة إعدادي للموسم الدراسي 2024-2025، قبل أن تتراجع المصالح التربوية عن النتائج المعلنة وتصدر تعليمات بتعليقها، نتيجة خطأ جسيم في احتساب المعدلات.

ففي الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، أقدمت عدد من الإعداديات على نشر لوائح الناجحين والراسبين، وسط أجواء احتفالية عمّت العديد من الأسر، حيث تلقى التلاميذ النتائج باعتبارها نهائية ورسميّة. غير أن هذه الفرحة سرعان ما تحوّلت إلى خيبة، بعدما وجّهت المديرية الإقليمية تعليمات عاجلة إلى المؤسسات تطالب فيها بتوقيف العمل بالنتائج المعلنة، بدعوى أن نقطة مادة اللغة الفرنسية لم تُدرج ضمن عملية احتساب المعدلات، رغم أن معامل هذه المادة يصل إلى 3، ما يجعل تأثيرها حاسمًا في النتيجة النهائية.

هذا الخطأ غير المسبوق أدّى إلى تغييرات جذرية في وضعية عدد من التلاميذ، حيث اكتشف البعض ممن اعتبروا ناجحين أنهم راسبون في الحقيقة، بعد أن كانوا قد بشّروا أسرهم واحتفلوا بنجاحهم، فيما تغيّرت نتائج آخرين في الاتجاه المعاكس. وبين وقع المفاجأة والارتباك، وجد العشرات من التلاميذ أنفسهم في حالة نفسية مضطربة، وسط تساؤلات حادة حول الكيفية التي تُدار بها مثل هذه المحطات التقييمية الحاسمة في مسارهم الدراسي.

الأخطر من ذلك، أن المديرية الإقليمية لم تصدر بلاغًا رسميًا يشرح ما جرى، أو يحدد المسؤوليات، أو يعتذر للتلاميذ وأسرهم عن هذا الخلل المهني الخطير. فلو تعلق الأمر بخطأ صادر عن أستاذ أو إدارة محلية، لتم اتخاذ إجراءات صارمة في حق المعنيين، كما جرت العادة. لكن حين تصدر الهفوة عن المصالح الإدارية نفسها، فإن الصمت يصبح هو الموقف الغالب.

وقد أعيد نشر النتائج بعد مراجعتها، مع دعوة التلاميذ إلى مراجعة صفحات مؤسساتهم التعليمية على منظومة “مسار” للاطلاع على الوضعية الجديدة بعد تصحيح الخطأ، ما يعني أن النتائج الأولى غير معتمدة رسميًا.

هذه الواقعة، التي لا يمكن وصفها سوى بكونها “فضيحة تربوية”، أعادت إلى الواجهة إشكالية تدبير الامتحانات الإشهادية على المستوى المحلي، وطرحت علامات استفهام حول مدى جاهزية الأطر المشرفة على هذه العمليات الحساسة. كما أطلقت دعوات من داخل الوسط التربوي بضرورة فتح تحقيق شفاف، لتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات، احترامًا للتلاميذ أولًا، وصونًا لمصداقية المنظومة التربوية برمتها.

فهل سيتم التعامل مع ما وقع كحادث عابر يُطوى بالصمت، أم أن هناك من سيتحلى بالشجاعة الإدارية الكافية لتحمّل مسؤولية هذا الخطأ المهني الجسيم، وتقديم التوضيحات اللازمة للرأي العام التربوي والأسر المغربية؟

زر الذهاب إلى الأعلى