“ميكومار”.. من مرتيل إلى طنجة، نفس الأسئلة حول المال العام وحقوق العمال

تتواصل تداعيات الفضيحة التي فجّرها المحامي محمد أشكور بمدينة مرتيل بشأن شركة “ميكومار”، بعد كشفه عن حرمان عمال من أبسط حقوقهم الاجتماعية، رغم تضاعف قيمة صفقة التدبير المفوض للنظافة إلى أزيد من 4 مليارات و200 مليون سنتيم.

فقد أبرزت المعطيات أن الشركة لم تسدد واجبات الانخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بل إن عاملًا مصابًا بالسرطان فوجئ بكونه غير مسجّل في النظام رغم سنوات عمله الطويلة، وهو ما وصفه المتحدث بـ”جريمة تمس الحق في العلاج والكرامة”. هذه الوقائع، التي خلّفت صدمة كبيرة في مرتيل، أعادت إلى الواجهة السؤال العريض: ماذا عن طنجة، حيث تنشط الشركة نفسها وتدبّر قطاعًا حساسًا لا يقل أهمية؟

في طنجة، لا يحتاج المتتبعون إلى الكثير من البحث ليدركوا أن اسم “ميكومار” ارتبط على الدوام بالجدل والانتقادات. فخدمات النظافة التي تشرف عليها الشركة تُواجه شكايات مستمرة من الساكنة، سواء بسبب تراكم الأزبال في أحياء عديدة أو بسبب تواضع الإمكانيات المرصودة على أرض الواقع مقارنة مع حجم الميزانيات.

مواقع التواصل الاجتماعي تحوّلت إلى فضاء مفتوح لانتقاد الشركة، حيث يتداول الطنجاويون صورًا وفيديوهات تُظهر تردي مستوى النظافة، معتبرين أن الأمر يعكس خللًا بنيويًا في تدبير القطاع.

الأخطر أن الشركة في طنجة لم تسلم بدورها من احتجاجات عمّالها، الذين خاضوا أكثر من إضراب واعتصام خلال السنوات الأخيرة، مطالبين بتسوية أوضاعهم الاجتماعية وتمكينهم من مستحقاتهم المالية، مع التنديد بما وصفوه بـ”التضييق على الحق النقابي” و”الطرد التعسفي”. بل إن نقابات وهيئات سياسية حذّرت في أكثر من مناسبة من أن غياب المراقبة الجدية لدفتر التحملات يفتح الباب أمام تجاوزات تُهدد استقرار هذا القطاع الحيوي.

إن ما حدث في مرتيل لا يمكن النظر إليه كحادث معزول؛ بل يكشف عن نموذج في التدبير يثير الشبهات، ويدفع للتساؤل: هل يختلف الوضع في طنجة؟ وهل هناك من يدقق بالفعل في وضعية العمال، خاصة الكبار منهم، وفي التزام الشركة بواجباتها القانونية والاجتماعية؟ أم أن السيناريو نفسه يتكرر بصيغ مختلفة من مدينة إلى أخرى، حيث تُضخّ الأموال العمومية دون أثر ملموس على الأرض، بينما يظل العمال والساكنة معًا أكبر الخاسرين؟

الجواب يظل رهن بيد السلطات الوصية والمجالس المنتخبة، التي تمتلك صلاحيات المتابعة والتغريم وفرض احترام العقود.

لكن المؤكد أن استمرار سياسة غضّ الطرف وترك الأمور تسير بالحد الأدنى، لن يؤدي سوى إلى المزيد من تراكم الأزبال، واتساع دائرة الاحتقان الاجتماعي، وتآكل الثقة في آليات التدبير المفوض.

زر الذهاب إلى الأعلى