براءة أبركان تُثير انتقادات حادة وتشكيكاً في مسار العدالة المالية بالمغرب

أثار الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف بمدينة فاس، والقاضي ببراءة النائب البرلماني محمد أبركان، عن حزب الاتحاد الاشتراكي، من جميع التهم المرتبطة بالفساد المالي والإداري، موجة واسعة من ردود الفعل الغاضبة في الأوساط السياسية والحقوقية، وسط تصاعد الشكوك حول استقلالية القضاء في قضايا المال العام.

وكانت المحكمة الابتدائية قد أدانت أبركان بخمس سنوات سجناً نافذاً وغرامة مالية قدرها 100 ألف درهم، على خلفية اتهامه بالارتشاء وتسليم شواهد إدارية بدون سند قانوني، ومنح إعفاءات ضريبية غير مشروعة خلال توليه رئاسة جماعة إعزانن بإقليم الناظور. إلا أن محكمة الاستئناف أصدرت، يوم الأربعاء 21 ماي 2025، حكماً نهائياً ببراءته من جميع التهم، دون تقديم توضيحات مفصلة للرأي العام.

القرار اعتُبر من قبل عدد من النشطاء وجمعيات مكافحة الفساد “انتكاسة جديدة لمسار العدالة”، في وقت يتصاعد فيه الجدل حول التعديلات المثيرة للجدل التي طالت قانون المسطرة الجنائية، خاصة المادة 3 التي تقيّد الحق في تحريك الدعوى العمومية في قضايا الفساد بالوكيل العام للملك بمحكمة النقض، وبناءً على إحالة من مؤسسات محددة فقط.

واعتبرت جمعيات حماية المال العام أن هذا التعديل يُفرغ آليات المحاسبة من مضمونها، ويحرم المجتمع المدني من أدواره الدستورية، محذرة من أنه يمنح غطاءً للحصانة السياسية والإدارية، ويقلص من فرص محاسبة المتورطين في الجرائم المالية.

الإعلامي محمد واموسي وصف الحكم بـ”المعجزة السياسية”، متسائلاً عن سر الانتقال من إدانة ثقيلة إلى تبرئة شاملة، في إشارة إلى ما وصفه بتأثير القاعة والمحامي والانتماء الحزبي على مسار العدالة.

وتزامنت هذه التطورات مع مخاوف متزايدة من أن تُستغل التعديلات القانونية لشرعنة الإفلات من العقاب، في وقت عبّرت فيه شخصيات قانونية وحقوقية عن قلقها من أن يتحول القضاء إلى “أداة لتبييض الفساد”، ما قد يؤثر سلباً على صورة المغرب لدى المؤسسات الدولية المانحة ومؤشرات الشفافية العالمية.

زر الذهاب إلى الأعلى